الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. باب الوضوء: هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فُرُوضٍ وَسُنَنٍ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (فَرْضُهُ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُ أَيْ فُرُوضَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (سِتَّةٌ: أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَيْهِ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدَثٌ كَأَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ حَدَثِ الْبَوْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ، أَيْ رَفْعَ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ، وَعَدَلَ عَنْهَا إلَى مَا قَالَهُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ نَوَى رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ غَالِطًا صَحَّ قَطْعًا (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءٍ كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ (أَوْ) نِيَّةُ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ)، أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ، أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ، أَوْ الْوُضُوءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَجْدِيدًا. وَالْأَصْلُ فِي النِّيَّةِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورُ«إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَمَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَمُسْتَحَاضَةٍ) وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ (كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) كَغَيْرِهِ (دُونَ الرَّفْعِ) لِبَقَاءِ حَدَثِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا) وَقِيلَ: لَا تَكْفِي نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الرَّفْعِ مَعَهَا لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لِلَّاحِقِ. وَقِيلَ: تَكْفِي نِيَّةُ الرَّفْعِ لِتَضَمُّنِهَا لِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ. (وَمَنْ نَوَى تَبَرُّدًا مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) كَنِيَّةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (جَازَ) لَهُ ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَضُرَّهُ فِي النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَالثَّانِي يَضُرُّهُ لِلْإِشْرَاكِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا وَنِيَّةُ التَّنْظِيفِ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ فِيمَا ذُكِرَ (أَوْ) نَوَى (مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ) أَيْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهَا، (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، أَيْ لَا يَكْفِيهِ فِي النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ جَائِزٌ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَصَدَهُ حَالَةَ كَمَالِهِ، فَيَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ مَا ذُكِرَ. (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ الْوَجْهِ) أَيْ بِأَوَّلِ غَسْلِهِ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولَاتِ وُجُوبًا عَنْهَا، وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ (وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ) لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوُضُوءِ كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ أَوَّلِهِ كَفَتْ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ لِيَعْتَدَّ بِهِ (وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَهَكَذَا، (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَالثَّانِي، لَا كَمَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَجْزَائِهَا. (الثَّانِي: غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ) شَعْرِ (رَأْسِهِ غَالِبًا وَمُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) أَيْ آخِرِهِمَا وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) عَرْضًا لِأَنَّ الْمُوَاجِهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ. وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْعِبَارَةُ (فَمِنْهُ مَوْضِعُ الْغَمَمِ) وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَعَنْهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا. (وَكَذَا التَّحْذِيفُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْوَجْهِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ تَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ. (لَا النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ (وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ) أَيْ لَيْسَتَا مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ. (قُلْت: صَحَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ تَرْجِيحَ الْغَزَالِيِّ لِلْأَوَّلِ (وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ) بِالْمُهْمَلَةِ (وَحَاجِبٍ وَعِذَارٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَشَارِبٍ وَخَدٍّ وَعَنْفَقَةِ شَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَبَشَرٍ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا سَوَاءٌ خَفَّ الشَّعْرُ أَمْ كَثُفَ لِأَنَّ كَثَافَتَهُ، نَادِرَةٌ، فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ (وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَاطِنُ عَنْفَقَةِ كَثِيفَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْجَمِيعِ، لِأَنَّ كَثَافَتَهُ مَانِعَةٌ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِهِ، فَلَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ. (وَاللِّحْيَةُ إنْ خَفَّتْ كَهُدْبٍ) فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُفَتْ (فَلْيَغْسِلْ ظَاهِرَهَا) وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَغَسْلُ بَعْضِهَا الْخَارِجِ عَنْ الْوَجْهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنْ الْوَجْهِ) مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا كَالْعِذَارِ خَفِيفًا كَانَ أَوْ كَثِيفًا لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْخَارِجِ الْخَفِيفِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ، وَحَمَلَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى الْكَثِيفِ، وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ الْكَلَامَ فِي بَاطِنِ الْخَارِجِ، وَزَادَهُ مَعَ غَيْرِهِ هُنَا عَلَى الْمُحَرَّرِ وَعِبَارَتُهُ. وَأَمَّا اللِّحْيَةُ الْكَثِيفَةُ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً فَهِيَ كَالشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ غَالِبًا. وَيَجِبُ أَيْضًا غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، انْتَهَى. وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ خِلَالِهِ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ. (الثَّالِثُ غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْعَكْسِ، قَالَ تَعَالَى:{وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهِمَا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى مُسْلِمٌ«أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ». (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الْمَذْكُورِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالْيَدُ مُؤَنَّثَةٌ (وَجَبَ غَسْلُ مَا بَقِيَ) مِنْهُ (أَوْ مِنْ مِرْفَقَيْهِ) بِأَنْ فُكَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ مِنْ عَظْمِ الْعَضُدِ (فَرَأْسُ أَعْظَمِ الْعَضُدِ) يَجِبُ غَسْلُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُهُ حَالَةَ الِاتِّصَالِ لِضَرُورَةِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْوُجُوبِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. (أَوْ) مِنْ (فَوْقِهِ نُدِبَ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ وَسَيَأْتِي. (الرَّابِعُ: مُسَمَّى مَسْحٍ لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ أَوْ شَعْرٍ فِي حَدِّهِ) أَيْ حَدِّ الرَّأْسِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ عَنْهُ بِالْمَدِّ لَمْ يَكْفِهِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ. قَالَ تَعَالَى:{وَامْسَحُوا برءوسكم} وَرَوَى مُسْلِمٌ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ غَسْلِهِ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ. (وَ) جَوَازُ (وَضْعِ الْيَدِ) عَلَيْهِ (بِلَا مَدٍّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِمَا يَقُولُ مَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى مَسْحًا. (الْخَامِسُ: غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ كَعْبَيْهِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ. قَالَ تَعَالَى:{وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ} قُرِئَ فِي السَّبْعِ بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْأَيْدِي لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجُوَارِ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى التَّرْتِيبِ بِتَقْدِيمِ الْمَسْحِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي الْيَدَيْنِ: وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْأَصْلُ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَدَلَهُ. (السَّادِسُ: تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) أَيْ كَمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ. (فَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ بَدَلَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) قَدْرَ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ فِيهِ بِأَنْ غَطَسَ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ (فَلَا) يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ (قُلْت: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ بِلَا مُكْثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِي الْمُكْثِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ تَقْدِيرِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ. (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (السِّوَاكُ عَرْضًا) لِحَدِيثِ«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَحَدِيثِ«إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ. وَالْمُرَادُ عَرْضُ الْأَسْنَانِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَرِهَ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاسْتِيَاكَ طُولًا أَيْ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ اللِّثَةَ (بِكُلِّ خَشِنٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ.«قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْت أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ (لَا أُصْبُعُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى اسْتِيَاكًا، وَالثَّانِي يَكْفِي، وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَيَكْفِي بِأُصْبُعِ غَيْرِهِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ، وَنَبَّهَ فِيهَا عَلَى زِيَادَتِهِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى الْمُحَرَّرِ. (وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ«لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ»، أَيْ يُدَلِّكُهُ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَرَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ«السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، أَيْ آلَةٌ تُنَظِّفُهُ مِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ التَّغَيُّرُ وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ لِحَدِيثِ«أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ فِي أَمَالِيهِ وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ. وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ (وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلُهُ) لِمَا رَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ ؟ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ: تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّئُوا وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ». وَالْوَضُوءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: " بِسْمِ اللَّهِ " أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ. وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ وَأَكْمَلُهَا كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» مِنْ جُمْلَةِ رِوَايَاتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَقْطَعُ أَيْ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ (فَإِنْ تَرَكَ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لَهَا وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا، وَقَالَ فِيهِ: إذَا أَتَى بِهَا فِي أَثْنَائِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ. وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوَّلَهُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِقْلِيدِ (وَغَسْلُ كَفَّيْهِ) فَحَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ«عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَكْفَأَ مِنْهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا إلَى آخِرِهِ». (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ (كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا) لِحَدِيثِ«إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْسِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا قَوْلَهُ ثَلَاثًا فَمُسْلِمٌ أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ، كَأَنْ تَقَعَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ التَّرَدُّدُ، وَيُلْحَقُ بِالتَّرَدُّدِ بِالنَّوْمِ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِهِ، وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِلْحَدِيثِ، وَالْقَصْدُ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ تَتْمِيمُ الطَّهَارَةِ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: احْتَرَزَ بِالْإِنَاءِ عَنْ الْبِرْكَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ إنَاءٌ فِيهِ دُونَ قُلَّتَيْنِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا لَمْ يُكْرَهْ غَمْسُهُمَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ. (وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُمَا فِي وُضُوئِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَيَحْصُلَانِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ) مِنْ جَمْعِهِمَا، وَسَيَأْتِي. (ثُمَّ الْأَصَحُّ) عَلَى الْفَصْلِ (يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا) وَمُقَابِلُهُ يَفْعَلُهُمَا بِسِتِّ غَرَفَاتٍ، وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ كَمَا أَفَادَهُ، ثَمَّ (وَيُبَالِغُ فِيهِمَا غَيْرُ الصَّائِمِ) لِحَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ«أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ«إنْ تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» وَإِسْنَادُهَا صَحِيحٌ كَمَا. قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ. أَمَّا الصَّائِمُ فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا ذَكَرَهُ، فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَهُمَا (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ«تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ» وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ يُمَضْمِضُ مِنْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا، وَدَلِيلُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى تَطْهِيرِ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِمَّا قَبْلَهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» لَكِنْ فِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ. وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالسُّنَنِ الصِّحَاحِ الْمَأْثُورَةِ«أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ تَوَضَّآ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَفْرَدَا الْمَضْمَضَةَ مِنْ الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ قَالَا: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، وَحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُثْمَانَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا». قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَابْنِ الصَّلَاحِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ»، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ«أَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً». (وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ بِالْيَقِينِ) مِنْ الثَّلَاثِ فَيُتِمُّهَا، وَقِيلَ بِالْأَكْثَرِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ. وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيُلْصِقَ مُسَبِّحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمَبْدَأِ، وَهَذَا لِمَنْ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ بِالذَّهَابِ وَالرَّدِّ لِيَصِلَ الْبَلَلُ إلَى جَمِيعِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى الرَّدِّ، فَلَوْ رَدَّ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً (ثُمَّ) مَسْحُ (أُذُنَيْهِ) ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ لَا بِبَلَلِ مَاءِ الرَّأْسِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:«رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ وَيَمْسَحُ صِمَاخَيْهِ أَيْضًا بِمَاءٍ جَدِيدٍ ثَلَاثًا»، وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ اشْتِرَاطَ تَأْخِيرِ الْأُذُنَيْنِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ خِلَافَ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ. (فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْعِمَامَةِ) أَوْ لَمْ يُرِدْ نَزْعَهَا (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ». وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ. (وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ) بِالْمُثَلَّثَةِ«لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ»، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَانَتْ كَثَّةً، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ، فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي». وَالتَّخْلِيلُ بِالْأَصَابِعِ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ: يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ (وَ) تَخْلِيلُ (أَصَابِعِهِ) لِحَدِيثِ لَقِيطٍ السَّابِقِ فِي الْمُبَالَغَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ أَصَابِعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ كَجٍّ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْ وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إذَا تَوَضَّأْت فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْك وَرِجْلَيْك» وَالتَّخْلِيلُ فِي الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَهُمَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَصَابِعِ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى يَبْتَدِئُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ والدارقطني بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ«عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْت». (وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَلَى الْيَسَارِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ». وَالتَّرَجُّلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» فَإِنْ قَدَّمَ الْيُسْرَى كُرِهَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. أَمَّا الْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ وَالْأُذُنَانِ فَيَطْهُرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتُسَنُّ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى الْوَجْهِ لِلِاتِّبَاعِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ) وَهِيَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ وَمِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الثَّانِي لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» وَحَدِيثِ مُسْلِمٍ«أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَغَايَةُ التَّحْجِيلِ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَيَغْسِلُ فِي الْغُرَّةِ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدَّمَاتِ الرَّأْسِ. (وَالْمُوَالَاةُ وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) وَهِيَ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا دَلِيلُ الْقَدِيمِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ». وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ ضَعِيفٌ. (وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) فِي الصَّبِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ. وَالِاسْتِعَانَةُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مَكْرُوهَةٌ قَطْعًا، وَفِي إحْضَاءِ الْمَاءِ لَا بَأْسَ بِهَا وَلَا يُقَالُ إنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ مُطْلَقًا. (وَ) تَرْكُ (النَّفْضِ) لِلْمَاءِ لِأَنَّ النَّفْضَ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ الْأَوْلَى، وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ. (وَكَذَا التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ أَيْ تَرْكُهُ (فِي الْأَصَحِّ)«لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَتَتْهُ مَيْمُونَةُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالثَّانِي تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. (وَيَقُولُ بَعْدَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ. إلَى آخِرِهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) زَادَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك) لِحَدِيثِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ«مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إلَى آخِرِهِ كُتِبَ بِرِقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ، وَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَوْلُهُ بِرِقٍّ أَيْ فِيهِ وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا الْخَاتَمُ. وَمَعْنَى لَمْ يُكْسَرْ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إبْطَالٌ. (وَحَذَفْت دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ) الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسَبَنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ: اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ. وَعِنْدَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ. وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتْبَعُونَ أَحْسَنَهُ. (إذْ لَا أَصْلَ لَهُ) كَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، أَيْ لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالتَّنْقِيحِ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ: وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَفَاتَهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ. |