الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .مقدّمة: الحمد لله حق حمده، كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على من أوتي جوامع الكلم، وأنزل الله عليه الكتاب بلسان عربي مبين سيدنا محمد الذي بعثه الله بالملة العصماء، والشريعة السمحاء، والمنهاج الواضح، والطريق المستقيم.وبعد: فما أوتي عبد خيرا من فقه في الدين، فمن أوتي فقها في الدين فقد حاز الخير، وضرب بسهم في تركة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين». وفي الحديث قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر». وإذا كانت الوسائل لها حكم المقاصد، وما يتوقف عليه الواجب له حكم الوجوب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما يقول علماء قواعد الفقه وأصوله، وعليه فنقول: إن ما لا يتم تحصيل الفقه إلا به يأخذ حكم الفقه وفضله. ولقد عني بالفقه وأصوله أئمة أعلام، وجهابذة فضلاء أحيوا الدنيا قرونا، وقادوا الحياة أزمانا، فجدد الله على أيديهم ما ترك من هدى، وما درس من سنن، ولم يخل منهم زمن منذ عصر الصحابة، ولن يخلو منهم زمن حتى يأتي أمر الله، ولم يخل منهم مكان ولن يخلو على امتداد البسيطة، كما قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في حديثه الشهير لكميل بن زياد: «لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك- والله- الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم سننه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم». وقد شمر أولئك الأعلام عن ساعد الجد، ودونوا لنا أحكام الإسلام في مصنفات لا تزال غرّة في جبين الزمن إلى آخر الزمن، ومفخرة الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. إلا أنهم كأصحاب فن مستقل، وعرف خاص لهم مصطلحاتهم، وعباراتهم التي انفردوا بها عن غيرهم، فانفردوا بعبارات واختصوا بمصطلحات، وكذلك نجد أنهم نبهوا على مقادير، وأوزان، ومكاييل، ومساحات، ومسافات، ونباتات، وحيوان، وملابس وألوان، وأمكنة، وبلاد. لذا اهتم آخرون منهم بشرح هذه المصطلحات، وتفسير الكلمات الغريبة، وبيان المقادير، والأوزان، والمكاييل، والمساحات، وتحديد وحدات كل ذلك وغيرها في كتب سميت (غريب لغة الفقهاء)، إلا أنهم في عصورهم شرحوا ما ظنوه غريبا، وجئنا من بعدهم، فاستغلق علينا ما كان في رتبة البيان عندهم فاحتاج الأمر إلى شرح المستغلق والغريب، وكذا فقد تغيرت وحدات الموازين، والمكاييل، والمساحات وغيرها من زمنهم إلى زماننا. وأيضا فهذه المصنفات في الغالب مذهبية يشرح كل كتاب غريب كتاب مذهبي شهير، كـ (المصباح المنير) يشرح غريب فتح العزيز للرافعي الشافعي، و(النظم المستعذب) يشرح غريب كتاب المهذب للشيرازي الشافعي، و(غرر المقالة) يشرح غريب ألفاظ الرسالة لابن أبي زيد القيرواني المالكي، و(المطلع) يشرح غريب ألفاظ المقنع للإمام ابن قدامة الحنبلي، و(أنيس الفقهاء)، و(دستور العلماء) كلاهما يشرح الغريب من ألفاظ الحنفية، وهذا على سبيل المثال وبعض هذه الكتب يجمع ما يتعلق بالفقه وغير الفقه من المنطق، والحكمة، والصوفية ومصطلحات المحدثين وغير ذلك، والكثير منها غير شامل إذ تخلو من كثير من الألفاظ والمصطلحات، أو توجز إيجازا شديدا في شرحها، وقد ينصب الاهتمام بالمعنى اللغوي دون الاصطلاحي، أو العكس. ثمَّ ترتيب الكثير منها على كتب الفقه وأبوابه مما يجعلك تبحث عن الكلمة فلا تجدها، وقد تكون في غير مظانّها. .عملي في الكتاب: نظرت في المعاجم الفقهية الحديثة فوجدتها غير مستوعبة، ولا وافية في عرضها لمعانى الألفاظ التي ذكرتها، ويتصرف الكاتب في عبارات الفقهاء وتعريفاتهم بما يفسد المعنى أحيانا، ثمَّ لا يرشد إلى المصدر أو المرجع الذي استقى منه المعنى، ثمَّ إن كثيرا من ألفاظ الكتاب والسنة التي لها تعلق مباشر بالفقه وأصوله، واستعملها الفقهاء والأصوليون لا تجدها في كتب الغريب، والذي في كتب الغريب متناثر، وغير متوافر لدى الكثيرين من طلبة العلم، وفي كتب التفسير، وغريب القرآن، وشرح كتب السنة، وغريب الحديث معان قل أن توجد في غيرها وليست تحت يد المهتمين، لذا أوليت أيضا هذه الكتب نظرا، أقرأ، وأنتقى وأستل منها ما لا غنى لدارس الفقه عنه، فجمعت الشوارد من الكتب النوادر التي عنيت بالغريب لغة، وقرآنا، وفقها، وحديثا وأصولا، بما لا تجده مجموعا في مكان واحد.وعرضت لاختلافهم في المعنى الاصطلاحي ولو لفظيّا ليفيدنا في ذلك سعة علم الفقهاء باللغة فيعبرون عن المعنى الواحد بعبارات متعددة على غاية الإيجاز مما يتعذر على غيرهم فعله- وهذه تعريفاتهم ناطقة بما أقول- ولربما يكون تغير اللفظ منبها على نكتة خفية، واحتراز لم يتضح لنا، فنقلنا العبارة كما هي لينظر فيها الراسخون حتى يوقفونا على ما تحتوي عليه من درر وكنوز- وتجد هذا المعنى واضحا في بعض ما نورده من شرح وإيضاح لبعض التعاريف-. ومن عجيب ما رأيت لفقهائنا أن المصطلح يكون له من المعاني اللغوية ما يزيد على العشرة، ثمَّ يؤتى بالمعنى الاصطلاحي فتجد له صلة ومساسا بكل معنى من هذه المعاني اللغوية، فانظر كيف انتزعت من كل معنى من المعاني اللغوية ما يصلح أن يكون وثيق الصلة بالمعنى الاصطلاحي، كمصطلح السنة مثلا، انظر إلى المعاني اللغوية له، ثمَّ انظر المعنى الاصطلاحي تجد له صلة ومساسا بجميع المعاني اللغوية. وقد يتحد المعنى اللغوي لكثير من الألفاظ كالقصد الذي هو معنى الحج، وهو معنى التيمم، وهو معنى النية أيضا، فلماذا خصت زيارة الكعبة لأداء النسك بأركان وشروط مخصوصة بالحج أو العمرة، وخص استعمال التراب بدلا عن الماء بكيفية مخصوصة بالتيمم، والتوجه بالقلب لله تعالى بالنية. وقد يفيد التعدد في ذكر التعاريف في معرفة الأطوار التي مر بها المصطلح كمصطلح الفقه مثلا. ولما كان من المتعذر نقل كل التعاريف، كان لابد من التخير منها فأختار أسهلها، وأشملها وأقلها ألفاظا، ولا أعدل عن تعريف إلى غيره من المراجع التي تحت يدي إلا لأمر رأيته. ولا أعقد مقارنة بين التعاريف المتعددة في المذهب الواحد أو المذاهب المتعددة إلا إذا احتاج الأمر ذلك، لعدم التطويل، ولضيق الوقت والجهد عن توفية هذا الأمر، إذ هو باب واسع ودقيق نلجه إذا أسعد الحال- إن شاء الله- ولدفع توهم أننى ذكرت ألفاظا بعيدة الصلة عن الألفاظ الفقهية ضممت إلى المصادر اللغوية بعض المراجع الفقهية وذلك لأعلم أنها من الألفاظ الدائرة على ألسنة الفقهاء أيضا، وأنها لم تذكر لمجرد كونها لفظا غريبا يحتاج إلى إيضاح، كأن أذكر من المراجع المطلع على أبواب: (المقنع)، أو (المغرب للمطرزي)، أو (تحرير التنبيه) للنووي، أو (غرر المقالة) مثلا إذ عنايتها بلغة الفقهاء وغريب كتب الفقه. وقد أضع شرحا وتوضيحا لبعض التعاريف، أو لبعض المفردات فيها إن رأيت حاجة إلى ذلك تيسيرا على الباحث وتوفيرا لوقته ولربما يكون المرجع بعيدا عن متناوله. وأضع في الكثير الغالب الفروق اللغوية والاصطلاحية للمفردات المتقاربة معنى كالسرقة، والخيانة، والغصب، والنبش، أو الألفاظ المتضادة والمتعاكسة كالغضب ضد الرضا، وكأجزاء الزمن، وأطوار الإنسان، وبعض الحيوان وغير ذلك من الفوائد، وقد أوثر تعريف المتقدمين لسهولته وقلة ألفاظه، وقد أوثر تعريف المتأخرين كالمناوي، والأنصاري، والبعلي، والشنقيطى مثلا لتحريره لتعريف المذهب ولدقته وكثرة القيود فيه، والقدماء لم يكونوا يهتمون بالتعاريف اهتمام المتأخرين، وقد أجمع بينهما كما في تعريف الفقه مثلا للحاجة إلى ذلك، إذ لتعريف الفقه أطوار لا تبدو إلا بذكر عدد من التعاريف للفقه مختلفة قدما وحداثة كتعريف الإمام أبي حنيفة، وتعريف من أتى بعده. وقد تكون اللفظة أو المصطلح أشهر في حالة الإفراد فيذكر مفردا مرتبا على هذه الحال، وقد يكون أشهر في حال الجمع، أو التثنية فأذكرها بترتيبها في هذه الحالة. وقد تذكر في أكثر من موضع- وهذا نادر- ليتيسر على الباحث إذا بحث عنها في أي من هذه الحالات وجدها دون عناء إذ عمادي في هذا كله تيسير البحث وتوفير الوقت والجهد دون ما عناء يلحق الباحث. وأوردت من الشواهد القرآنية والحديثية، وأقوال العرب شعرا، ونثرا، وأمثالا ما يثبت المعنى في ذهن المتعلم ويؤكده لديه، ويفتح له بابا للدخول على اللغة الفذة لغة القرآن الكريم ويوقفه على أسرارها، وعزوت معاني كل مادة إلى مصادرها التي استلت منها، وكثيرا ما كانت صياغة المادة وعرضها يوحى بمصدرها كأن يقال: قال ابن الأثير، قال الماوردي، قال الفيومي، ثمَّ أذكر المصادر فأقول انظر: (النهاية، والحاوي، والمصباح المنير)، فيعلم كل معنى ذكرته وكل نقل أوردته لمن وفى أي كتبه، أو أقول: قال الحنفية، قال المالكية، قال الشافعية، قال الحنابلة، ثمَّ تذكر المصادر بعد ذلك فيكون ذكر المصدر منبها على المذهب إذ تذكر تعاريف كل مذهب من كتبه لا من كتب غيره، كأن يذكر (المجموع) للنووي فيعلم أن هذا هو مصدر الشافعية في التعريف الذي أوردته منسوبا إليهم، وكذا (شرح فتح القدير) مرجع تعريف الحنفية، و(الشرح الصغير) للشيخ الدردير مرجع تعريف المالكية، و(المغني) لابن قدامة مثلا مرجع تعريف الحنابلة وهذه أمثلة يقاس عليها ما عداها من الأقوال والمصادر والمراجع. ورتبت الألفاظ والمصطلحات ترتيبا ألفا بائيّا دون تجريد المادة إلا من مثل الألف، واللام، وأب، وأم ليتيسر على الباحث الوصول إليها، واقتديت في ذلك بكثير من كتب ومعاجم وموسوعات قديمة وحديثة كـ (التوقيف على مهمات التعاريف) للمناوي، و(الموسوعة الفقهية الكويتية) إصدار وزارة الأوقاف الكويتية وغيرها. وأبادر بالاعتذار عما يكون قد بدر من خلل، أو اعترى من نقص، ورحم الله من رأى خللا فسدّه، أو نقصا فأكمله، أو غلطا فصححه، فإنما نظل عمرنا نتعلم، وحسبي أننى نقبت وبحثت، وتخيرت وانتقيت، وجمعت ورتبت، وأتيت بمعان من بطون كتب لا يظن بها هذه المعاني، ثمَّ نظمت في سلك بديع، فكونت عقدا جميلا يقر عين الباحث ويسر الناظر، على أن أكون قد قدمت ما ينفع الناس، ويثقل ميزاني في آخرتي. ورحم الله امرأ استقى معنى فنسبه إلى مصدره، فإن من بركة العلم نسبته إلى قائله. وأنا لا أرى بأسا أن أذعن للصواب، وأقر بالخطإ وأصلحه من ناصح أمين بشرط العلم والإنصاف. اللهم إني أتوجه به إليك، وأقصد به وجهك، وأبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، وأعترف بعجزي وتقصيري فاغفر زلتى، وأقل عثرتي، وأجب دعوتي، وعلمني ما لم أكن أعلم مما ينفعني وينفع الناس به معى. وصلّى الله وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه الفقير إلى عفو ربه د/ محمود عبد الرحمن عبد المنعم مدرّس أصول الفقه بكلّيّة الشّريعة والقانون جامعة الأزهر- القاهرة في 22 من شهر رمضان المبارك سنة 1419 هـ9 يناير سنة 1999 م. .حرف الألف: .الآبد: الحيوان المتوحش، يقال: أبدت البهيمة تأبد، وتأبد: أي توحشت، والتأبّد: التوحش، وسمّيت بذلك لبقائها على الأبد، وفي اصطلاح الفقهاء تستعمل في شيئين:الأول: الحيوان المتوحش، سواء أكان توحشا أصليّا أم طارئا. الثاني: الحيوان الأليف إذا ندّ (شرد ونفر). والآبدة: الداهية تبقى على الأبد. الكلمة الغريبة، وجاء فلان بآبدة: أي بداهية يبقى ذكرها على الأبد. والجمع: أوابد، والأوابد: الشوارد من القوافي، وأيضا: الطير المقيمة بأرض شتاءها وصيفها، من أبد بالمكان يأبد، فهو آبد، فإذا كانت تقطع أوقاتها فهي (قواطع)، فالأوابد ضد القواطع من الطير. وأتان أبد: في كل عام تلد. [لسان العرب مادة (أبد) ص 4، وأساس البلاغة مادة (أبد) ص 9، والموسوعة الفقهية 1/ 92]. .الآبق: لغة: اسم فاعل من الإباق، وفعله: أبق، يأبق، ويأبق أبقا، وأباقا فهو آبق، وجمعه إبّاق، وأبق، وتأبّق: استخفى ثمَّ ذهب، قاله ابن سيده.والإباق: خاص بالإنسان سواء أكان عبدا أم حرّا. وقيده في العين: بمن هرب من سيده من غير خوف ولا كدّ عمل وهو قول الثعالبي. وقال الأزهري: الأبق: هروب العبد من سيده. الآبق في اصطلاح الفقهاء: الحنفية: هو المملوك الذي يفرّ من مالكه قصدا. المالكية: هو من ذهب مختفيا بلا سبب، فإن لم يكن كذلك، فهو إما هارب، وإما ضال، وإما فار. وقال ابن عرفة: حيوان ناطق وجد بغير حرز محترم. الشافعية: ذهاب العبد من غير خوف ولا كدّ في العمل، وإلّا فهو هارب كما نقله الخطيب الشربيني عن الثعالبي، ثمَّ قال: قال الأذرعي: لكن الفقهاء يطلقونه عليهما. الحنابلة: الهارب. الظاهرية: من هرب عن الجماعة، وعن دار دين الله تعالى إلى دار أعداء الله تعالى المحاربين له. [لسان العرب مادة (أبق) ص 9، والمصباح المنير مادة (أبق) ص 1، وأنيس الفقهاء ص 189، وطلبة الطلبة ص 210، والتعريفات ص 3، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/ 127، وشرح حدود ابن عرفة ص 564، ومغني المحتاج 2/ 13، والمطلع على أبواب المقنع ص 230]. |